17 - 07 - 2024

مؤشرات | من أجل فلسطين .. كونوا أكثر وضوحًا

مؤشرات | من أجل فلسطين .. كونوا أكثر وضوحًا

عقب القمة الثلاثية في مدينة العلمين، بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والملك عبد الله الثاني ملك الأردن والرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" يوم الإثنين 14 أغسطس، اقتحمت عشرات الآليات العسكرية الإسرائيلية مخيما للاجئين في الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية، وأسفرت الغارة يوم الثلاثاء 15 أغسطس، عن مقتل فلسطينيين وإصابة عدد آخر بجروح خطيرة.

 الغريب أن الغارة الصهيونية جاءت بعد ساعات من بيان مشترك صادر عن قادة مصر والأردن وفلسطين دعوا فيه إسرائيل إلى وقف غزوها للأراضي الفلسطينية والتوقف السريع عن كل أعمال ذات الصلة بعرقلة تقويض المساعي إلى حل الدولتين.

وفي صباح الأربعاء 16 أغسطس اعتقلت قوات الإحتلال 12 فلسطينيا في العديد من القرى الفلسطينية، وقامت القوات الإسرائيلية بالاستيلاء على مراكب صيد خاصة بصيادين فلسطينيين في وقت واصلت فيه البحرية الاسرائيلية التضييق على الصيادين في البحر المتوسط.

تأتي تلك الأحداث وتتصاعد يوما بعد يوم، وتصبح نمطًا في النهج الإسرائيلي خصوصا في أعقاب أي محادثات عربية تتعلق بالقضية الفلسطينية، ويبدو أنه نهج إستفزازي صهيوني، في رسائل للدول العربية، بل ربما للعالم، "إفعلوا وأصدروا بيانات كما تريدون، ونحن نفعل ما نريد". بل وصل الإستفزاز أن خرج بنيامين نتنياهو زعيم حزب الليكود رئيس الوزراء الإسرائيلي، ليقول "لن يستطيع أحد بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية أن تفرض شيئا على الحكومة الإسرائيلية الحالية "المتطرفة"، وأعضائها".

ولست مع من يقول ويبرر أن الوضع الحالي في ملف القضية الفلسطينية "محبط"، بل هذا هو الطبيعي جدًا في ظل سياسة التطبيع التي تتسع يوما بعد يوم، وتقديم العديد من التنازلات تحت ضغط أمريكي على الدول العربية، مع إستمرار آليات التعاون المعلنة وغير المعلنة مع الجانب الإسرائيلي، ومع استمرار الرهان على الأمريكان من خلال التعامل مع الخطط الأمريكية لاستئناف المحادثات السياسية الأساسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

والسؤال المهم الذي يطرح نفسه، هل ما تقوم به إسرائيل ينطلق من أنها تدرك أن العرب هم الذين يسعون إلى كسب ودها، ويسعون إلى مزيد من رحلات قطار التطبيع معها؟..

ولابد من توضيح حقيقي وواضح بشأن التكهنات حول خطط الدبلوماسية الأمريكية لإطلاق سلس لعملية تطبيع بين إسرائيل والسعودية قبل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة العام المقبل، خصوصًا أن هناك من يرى أن قرار الرياض بالإعلان عن تعيين سفيرها في الأردن ، نايف السديري ، سفيراً فوق العادة لدى السلطة الفلسطينية والقنصل العام السعودي في القدس، هو خطوة تمهيدية لرحلة تطبيع عربية جديدة.

من حق كل دولة أن تتخذ ما تراه من سياسات خارجية وداخلية تراعي مصالحها مع العالم، في ظل توازنات ومتغييرات جديدة ومُستجدة، .. ولكن المهم أيضًا ألا يتم ذلك في إطار مخطط صهيوني لمزيد من تفريغ القضية العربية الأولى من مضمونها، وهي القضية الفلسطينية.

بيانات القمم العربية صحيح أنها قوية وتؤكد على حقوق الشعب الفسلطيني في أرضه ووطنه، ودولته المستقلة ذات السيادة، والعودة إلى حدود ما قبل 1967، والتأكيد على هوية القدس العربية الفلسطينية، .. إلا أن الجانب الآخر، والمُتمثل في "المُحتل"، يُغرد في مكان آخر وبلغة أخرى، ويمارس عربدته المعتادة، بل أستطيع القول أن أنها تصل إلى حد الإهانة لمخرجات الإجتماعات العربية العربية، ولسان حالة المُحتل يقول .. كل العرب لن يتخلفوا عن ركب التطبيع في أحضان تل أبيب مهما طال الأمد.. بإعتباره واقعا لا مفر منه.

وفي ذات الوقت تسير مصالح إسرائيل مع العرب بشكل سلس، خصوصا في مجال موارد الطاقة، وفي استخراج الغاز، ففي الفترة الأخيرة جرت لقاءات عربية من مختلف الدول التي ترتبط بعلاقات دبلوماسية مع تل أبيب، بعضها يتعلق بمشروعات تعاون في الطاقة والمياه، وأخرى ذات علاقة بمشروعات شرق المتوسط، لإقامة شراكات، تكون فلسطين طرفا فيها.

كثيرا ما يقال أن الاقتصاد لا علاقة له بالسياسة، ولكن في حالة التعاون مع دولة مُحتلة، الأمور بحاجة لتوضيح، ليصبح ما تحت الطاولة أكثر وضوحًا، حتى لا تستغله حكومة قوات الإحتلال في مزيد من تفريغ القضية الفسلطينية من كل مضامينها، ليصبح الشعب الذي يعيش تحت الإحتلال هو الضحية في القتل والاعتقال والمعاناة وتجريفالأرض والزرع والبشر..

كونوا أكثر وضوحًا.
-------------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | أفسحوا المجال للإبداع والإبتكار عربيًا